العولمة الغربية، عواملها وأهدافها
وهاهنا بعض الأسئلة ينبغي الجواب عليها:
1: ما هي أسباب وعوامل بروز ظاهرة العولمة الغربية في العصر الحاضر؟
2: هل هذه العولمة تؤدي إلى انهيار نظام الدولة ذات الحدود المستقلة أو ترجع إلى تشديده والتأكيد عليه؟
3: هل في العولمة ما يضمن زيادة التجانس والتوافق أو تعمل على تعميق الفوارق والاختلافات؟
4: هل العولمة تهدف إلى توحيد العالم، أو تسعى لتثبيت الأنظمة المجتمعية عن طريق الحدود الجغرافية المصطنعة؟
5: هل إن مصادر العولمة مصادر رئيسية واحدة، أو تتشعب من مصادر متنوعة ومتداخلة؟
6: هل إن العولمة تنبعث من عوامل اقتصادية وإبداعات تقنية أو أنها تنبعث من خلال الأزمة الايكولوجية؟
7: هل إن العولمة تجمع كل هذه العوامل الآنفة، أو أنه يوجد هناك عوامل وأبعاد أخرى منفلتة عنها؟
8: هل إن العولمة تستبد بثقافة واحدة عامة، أو تسمح بوجود ثقافات متعددة، محلية وقومية متنوعة؟
9: هل إن العولمة تحوّل بارز، وتطوّر ظاهر، يجمع بين العام والخاص، وبين المحلي والخارجي، وبين المغلق والمفتوح على المدى الطويل والبعيد، أو إنها الغاز غامضة؟
10: هل إن العولمة جاءت لزيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء على جميع المستويات؟ أو إنّها جاءت لسد الفجوة الموجودة بينهما؟
11: هل إن العولمة تستدعي وجود حكومة عالمية أو تكتفي بالحكومات المحلية؟
12: وأخيراً هل إن العولمة تسعى لتوحيد الأفكار والثقافات، أو إنها تشجع الأفكار والثقافات الموجودة وتقوّي التمسك بها؟
نعم، قد تتبادر هذه الأسئلة وأكثر منها إلى ذهن الإنسان عندما يسمع كلمة (العولمة) ويبحث عنها.
ولعل الجواب إجمالاً هو:
إن أهم عوامل ظهور العولمة بالمعنى المعاصر انفراد الكتلة الغربية في الساحة العالمية، وتطلب النظام الاقتصادي الرأسمالي التدويل والتعولم، كما إن أهم أهداف العولمة المعاصرة هو: سيادة النظام الغربي، وهيمنة الأفكار الغربية وثقافتها، إذ أن جوهر عملية العولمة يتمثل وبصورة خاصة في تسهيل حركة الناس، وفي انتقال كل واحد من المعلومات والسلع والخدمات على النطاق العالمي.
ثم إن كلاً من الحركة والانتقالات التي تنتشر عبر الحدود يشمل ستة أمور رئيسية وهي كالتالي:
1: رأس المال
2: البضائع
3: الأفكار
4: الأفراد
5: الخدمات
6: المعلومات والمؤسسات الاقتصادية
وبالتالي تتجلى العولمة الغربية في مجالين بوضوح أكثر منه مما في المجالات الأخرى، وهما:
المجال الاقتصادي.
والمجال السياسي.
ولكن العولمة الصحيحة وهي عولمة الإسلام، فإنها تضمن جميع الحريات المشروعة وتأخذ بأيدي الناس إلى سعادة الدنيا والآخرة.
العولمة السياسية الغربية
إن النظام الرأسمالي الذي يحكمه قانون تعظيم الأرباح الخاصة وتضخيمها، يهدف إلى التوسع، والتوسع لا يتم إلاّ عبر استثمار أرباحه والحصول على قروض من أسواق الرساميل، وعليه: فإذا لم يتوسع يتعرض للركود والكساد والأزمات الدورية، وذلك واضح، ويزيده وضوحاً الأمثلة التاريخية على هذه الأزمات، فإنها كثيرة ومعروفة لدى أهل الخبرة والفن.
ثم إن التوسع يؤدي بطبيعته إلى بروز المنشآت الاقتصادية الكبرى عن طريق تمركز رأس المال، ولعل من أهم الأسباب في تحقيق ذلك، هي عمليات الدمج بين المنشآت الكبرى، أو استيلاء منشأة كبرى واحدة، على منشآت متعددة أصغر منها، وذلك عن طريق البيع والشراء أو غير ذلك من طرق النقل والانتقال.
ثم إنّه في عملية التوسع هذه قد تتراكم فوائض مالية جمة، لا يجد أصحابها أحياناً مجالات مربحة في استثمارات حقيقية حتى يقوموا بها وتؤدي إلى زيادة الإنتاج والتجارة، ولذلك يقوم أصحاب هذه الفوائض الجمة بفتح مجالات مربحة في المضاربة ضمن إطار الدولة الواحدة.
مضافاً إلى أن أصحاب هذه الفوائض الجمة يبعثون على الضغط بالنسبة إلى الدول والحكومات لتأمين حرية انتقال الفائض من دولة إلى دولة بواسطة رفع القيود عن حركة الرساميل، وبديهي أن يكون حينئذ أهم سمة للنظام الرأسمالي العالمي المعاصر هو ما يسمى بالعولمة المالية المتحققة عبر العولمة السياسية الغربية فإن العزة الاقتصادية تدعو للعزة السياسية وتبشر بها.
نعم إن النظام الاقتصادي الراهن، المعزز بالهيمنة السياسية للغرب، يُمثّل مرحلة جديدة من مراحل التطور السريع للسياسة المالية، ويجسّد صفحة حديثة من صفحات الاقتصاد الرأسمالي العالمي وقد تسمى هذه الصفحة وهذه المرحلة باسم: (العولمة) وهو قد يتسم بخصائص عديدة أهمها:
1: ازدياد دور الشركات متعددة الجنسيات في الاقتصاد العالمي بعد سقوط نظام بيريتون، وودز.
2: ازدياد أهمية مؤسسات العولمة الثلاث التي هي عبارة عن: صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمنظمة العالمية للتجارة.
3: تعريف مراكز القوى الاقتصادية العالمية للتغيير الأكيد المتدرج.
4: تحويل هيكلية الاقتصاد العالمي وتبديل سياسات التنمية العالمية وتغييرها.
5: تقهقر أهمية مصادر الطاقة التقليدية والمواد الأولية في السوق العالمية وتراجعها.
وبالتالي انطباع كل هذه البنود الاقتصادية المذكورة وغيرها مما لم نتعرض لها للاختصار ومخافة التطويل بالصبغة السياسية وتحكم العولمة السياسية بها، وهيمنتها عليها[1].
وهذا من أسباب بروز العولمة السياسية الغربية.
العولمة الاقتصادية الغربية
التدويل الذي أصبح الاقتصاد العالمي يتصف به حسب رأي بعض الاقتصاديين هو من أهم سمات الاقتصاد ظهوراً في العقود الثلاثة الأخيرة.
والتدويل بالنظر البدوي هو ظهور متعاظم لما للعلاقات الاقتصادية الدولية من دور هام بالنسبة إلى الأنشطة الاقتصادية المحلية أو الوطنية، ويظهر هذا واضحاً من خلال الدور الكبير الذي تتبنّاه الشركات المتعددة الجنسيات، الممتدة نشاطاتها وفروعها في كل مكان وإلى مختلف أنحاء العالم، كما إنّها تهيمن وتسيطر على جزء مهم وكبير من عمليات الإنتاج والتمويل وتوزيع الدخل العالمي.
ثم إن هذا الدور مضافاً إلى أنه في الغالب ظاهر بارز، إلا أنه قد يكون أحياناً خفياً غير مباشر، ومستوراً غير ظاهر، مما يجعلنا نتمكن من الحديث عن مستوى اقتصادي عالمي، متميز بآلياته ومشكلاته، ومتشخص بتقلّبه وتطوره على المستويات المحلية والوطنية، وعندها تصبح النظرة للعالم باعتباره الوحدة الاقتصادية الأساسية والمحور للتطورات المستمرة.
وهذا من أسباب بروز العولمة الاقتصادية الغربية.