عن فصل الربيع فقد ذكر الأقدمون عنه قولهم: وأول هذا الفصل بإجماع إذا حلت الشمس بأول دقيقة من برج الحمل (الكبش).. قال بطليموس: يكون ذلك في (15) آذار. وهذا الفصل حار رطب على طبع الدم فيه يستوي الليل والنهار (الاستواء الربيعي) ويتعدَّى الزمان وينبت العشب والأزهار وتورق الأشجار... وتخلق الحيوانات وتمتد الأنهار ويكثر الدم وتتحرك الأخلاط وتقوى القوى الغازية والمنمية وسائر القوى الحيوانية فينبغي على المرء أن ينحو بتدبيره منحىً بما (يولِّد دماً نقياً معتدلاً) ويُغذى غذاءً صالحاً. أما العالم ابن سينا فقد أضاف أيضاً ملاحظاته عن الربيع بأنه موسم تهيج فيه الأمراض، حيث بيَّن أن للشتاء دور سلبي أيضاً في التهييء للأمراض فإذا ما صادف الدم تحليله في فصلي الربيع والصيف كثرت المشكلات المتأصلة علاقاتها بالدم، فقد ورد في كتاب (القانون في الطب) في المجلد الأول الفصل السادس في فعل كيفيات الطب بخصوص فصل الربيع وتأثيراته على فيزيولوجية الجسم تحت عنوان (الأهوية ومقتضيات الفصول): والربيع إذا كان مزاجه فهو أفضل فصل، وهو مناسب لمزاج الروح والدم وهو مع اعتداله الذي ذكرناه يميل عن قرب إلى حرارة لطيفة سمائية ورطوبة طبيعية وهو يحمر اللون لأنه يجذب الدم باعتدال ولم يبلغ أن يحلله تحليل الصيف الصائف والربيع تهيج فيه ماليخوليا(1) أصحاب الماليخوليا ومن كَثُرت أخلاطه في الشتاء لنهمه وقلة رياضته استعدَّ في الربيع للأمراض التي تهيج من تلك المواد بتحليل الربيع لها وإذا طال الربيع واعتداله قلَّت الأمراض الصيفية وأمراض الربيع واختلاف الدم والرعاف وسائر الخراجات. ويكثر فيه انصداع العروق ونفث الدم والسعال وخصوصاً في الشتوي منه الذي يشبه الشتاء، ويسوء أحوال من بهم هذه الأمراض وخصوصاً مرض (الساد Cataract). ولتحريه في المبلغمين مواد البلغم تحدث فيه السكتة والفالج وأوجاع المفاصل وما يوقع فيها حركة من الحركات البدنية والنفسانية مفرطة وتناول المسخنات أيضاً فإنها تعين طبيعة الهواء ولا يخلِّص من أمراض الربيع شيء كالفصد والاستفراغ والتقليل من الطعام... ذكر ابن سينا وسيلة الشفاء والوقاية (فصد ـ استفراغ..): والحقيقة أن الحجامة شاملة وكليَّة ويعتبر الفصد نوعاً من الحجامة المصغَّرة وفائدته موضعية(1) .