بطاقة الشخصية الاوسمة: الهواية: مدمن على النت السيرة:
موضوع: تخيل ... لو كنا لا ننسى الأربعاء 24 فبراير 2010 - 20:59
السلام عليكم
أول ما سيخطر ببال الطالب النجيب –وغير النجيب أيضاً- هو أن هذا أفضل شيء يمكن تخيله! لأن انتفاء “القدرة” على النسيان يعني عدم الحاجة للاستذكار. (أن لا ننسى) خيالٌ يقتضي عدم الحاجة لاسترجاع المعلومات وتثبيتها. (أن لا ننسى) تعني أنه تكفي قراءة واحدة أو جلسة استماع واحدة لأي محاضرة أو درس كي تبقى المعلومة محفوظة في الدماغ للأبد. أن تكون ذواكرنا فوتوگرافية لا تضمحل في غياهبها تفصيلة واحدة مهما كانت صغيرة.
وهذا خيال سعيد، إنما ليس دقيقاً تماماً. فمفتاح التفوق الدراسي –أولاً- ليس في الذاكرة الكربونية ولا في “البصم”.. بل هو في التركيز وتنظيم الوقت والجهد. وثانياً: فمن قال بأن التفاصيل الصغيرة “تضيع” في أمخاخنا أصلاً؟ علماء وظائف الأعضاء يقولون أن كل شيء هو مخزن في المخ.. لكن العتب على القدرة على الاسترجاع.
وعوضاً عن أن ندخل في نقاش فلسفي حول الفرق بين القدرة على الحفظ والقدرة على الاسترجاع، فإننا سنركز على التساؤل عنوان الموضوع. ماذا لو كنا لا ننسى؟ النسيان هو سمة بشرية أساسية.. وقديماً قيل أن كلمة “إنسان” مشتقة من “النسيان”. وإذا قرأ أحدنا في علم النفس فسيطالع نظريات تقول بأن النسيان هو ممارسة تتعمدها عقولنا كل تحمي إدراكنا الواعي وتحفظه من الأذى. كيف ذلك؟
إذا تخيلنا أن كل “خبرة” تمر بجهازنا العصبي هي عبارة عن ذكرى يمكن حفظها أو استرجاعها أو نسيانها، فإننا يسعنا أن نقول إذاً بأن كل مشاعر الألم –المعنوي والجسدي أيضاً- هي ذكريات. ومن الجلي أننا ننسى الألم. وهذه نعمة عظيمة جداً. لأننا لو امتلكنا القدرة على الاحتفاظ بـ “نبضة” الألم واسترجاعها واستذكارها دوماً فإننا سنعيش في ألم أبدي. إن لاعب الكرة الموهوب سيعتزل اللعب بعد أول إصابة يتعرض لها. كما وأن كل أم ستتوقف عن الإنجاب بعد طفلها الأول لأنها ليست قادرة على نسيان آلام المخاض.. أو أن ذكرى هذه الآلام المبرحة ستتغلب على تطلعات أمومتها!
لو أننا كنا لا ننسى، فإن عقولنا ستكون مشغولة جداً.. وربما تفقد قدرتها على الحلم أثناء النوم، وهو ما يعتبره الأطباء أيضاً تفريغاً للوعي من الهموم التي تكدره. لو أننا نتذكر كل التفاصيل لفقدنا القدرة على الاندهاش أمام الخبرات الصغيرة الجديدة.ولما استمتعنا مجدداً بمذاقات أطباقنا المفضلة وما استسغنا الفن والأدب الجديدين.. لأن الإبداع البشري عبر التاريخ هو في الواقع مجموعة من حلقات التكرار، كل واحدة تحمل قيمة صغيرة مضافة على التي قبلها. تمتُعُنا بملكة النسيان ورغبتنا في التذكر هو الذي يركز هذه القيم المضافة ويسبغ عليها إعجابنا.
وفي مجال الإبداع الفني والفكري أيضاً، فإن قدرتنا على النسيان هي التي تسمح لنا بقتباس خبرات السابقين وتجاربهم –على نحو فج أحياناً- وإعادة تقديمها بأسمائنا نحن. ونحن طالما سمعنا أن زيداً من الموسيقيين أو عمراً من العلماء قد “تأثر” في صغره بفلان من الناس أو “استلهم” من التجارب التي مر بها في صباه. وهذا الاستلهام ما هو إلا مرحلة نسيان يعيد فيها المخ تدوير تلك القيم والمعارف ويضيف لها ثم يقدمها من جديد بشكل محسن أو مطوّر.
لو كنا لا ننسى أبداً فإن أحدنا ما كان ليقرأ قصيدة ما مرة ثالثة ورابعة ليستخلص المزيد من جمالياتها، وما كان ليسافر ويقف على الآثار ومواطن الأحبة مرات ومرات ليجدد ذكرياته وينتشلها من قاع النسيان.
لو لم يكن هناك نسيان لما كان هناك خطأ. هل كان العالم سيغدو أكثر مثالية لو أن البشر قد تخلوا عن عادتهم الأثيرة في النسيان؟ أم أن اضمحلال الذكرى هو جزء من التجربة البشرية؟ لو لم نكن ننسى فكيف سنعيش مع الذكرى المريرة؟ كيف كنا سنسامح ونعفو عمن ندينهم بالأموال والجمائل؟
عند العلماء والمفكرين فإن النسيان هو عدو أزلي. كم من نظرية واعدة ضاعت بسبب النسيان؟ وكم من فتوى عطلها نسيان آية أو فقد اسم في تسلسل السند؟ لكن حتى عند هؤلاء العلماء والمفكرين فإن النسيان والرغبة في التذكر.. الرغبة في المعرفة -بكلام آخر- كان هو الدافع الحقيقي وراء بذل المزيد من الجهد والتفوق. النسيان هو نعمة كبرى والحال كذلك.
عادل
مشاركات : 3975 نقاط التميز : 4718
بطاقة الشخصية الاوسمة: الهواية: مشجع فريق برشلونة حتى النخاع..مشاهدة التليفزيون..قراءة القصص السيرة:
موضوع: رد: تخيل ... لو كنا لا ننسى الأربعاء 24 فبراير 2010 - 21:16
عندما يكون النسيان في الحاجات الايجابية نحزن و نتنرفز اما ان راينا كل الاشياء الصعبة و الاحداث الحزينة التي نمر بها فما علينا ان نقول الحمد لله شكرااا على الموضوع
موضوع: رد: تخيل ... لو كنا لا ننسى الأحد 11 أبريل 2010 - 17:58
عندك الحق عادل النسيان في الأشياء الايجابية مضر ومحزن, لكن في الأشياء السلبية فهذا رحمة من عند الله سبحانه وتعالى ان شاء ربي يكون معانا وننساو غير الأشياء الي ما تهمناش.