المطالعة طريق الطفل إلى النجاح: كيف تصبح القراءة متعة له؟
يؤكد التربويون أن المطالعة تنمي قدرات الطفل اللغوية والتعبيرية وتغني مخيلته وتساهم في نجاحه المدرسي. ولكن مع بدء الدراسة يصير الأهل أكثر تساهلاً مع طفلهم في ما يتعلق بالكتاب، ويذهب بعضهم إلى أنه لا حاجة للطفل إلى المطالعة، إذ يكفيه القيام بواجباته المدرسية.
وهذا خطأ لأن ربط المطالعة بكتاب المدرسة يدفع الطفل إلى الظن أنها واجب مدرسي ينتهي عند حلول المساء، بينما يجب أن تكون المطالعة نشاطاً ترفيهياً مفيداً يقوم به.
وليس هناك سن معينة للبدء بممارسة هذا النشاط. فالطفل في السنة الأولى من عمره يظهر اهتمامه بالكتاب، فكم مرة تلا حظ الأم ابنها أثناء تصفحه كتاباً يحوي رسوماً ملونةً، وكم مرة يأخذ الطفل الصحيفة التي يقرأها والده محاولاً معرفة محتواها.
فالكتاب بالنسبة إلى الطفل هو مصدر لاكتشاف ما يدور حوله. وتعويد الطفل على القراءة في سن مبكرة يساهم في
إغناء قدراته اللغوية في التعبير، ويطور مداركه المعرفية إضافة إلى أنها توطد علاقته بوالديه، فالأم أو الأب حين يضع أحدهما طفله في أحضانه أثناء القراءة له فهو يشعره بدفء عاطفته وحنانه الأمر الذي يعزز ثقته بنفسه ويساهم في تطوير نموه النفسي والسلوكي .
ومن الملاحظ أن الطفل يطلب من والدته إعادة قراءة الكتاب نفسه مرات عدة ويطرح أسئلة مختلفة عن التي سألها في السابق، فهو في كل مرة يكتشف أموراً جديدة تثير فضوله.
ولكن السؤال هو: هل يكفي أن تجيب الأم عن أسئلة الطفل أو تقرأ له قبل النوم؟ وكيف يمكن الأهل أن يشجعوا الطفل على المثابرة في المطالعة بعد دخوله المدرسة؟ وهل يكفي أن يجيد الطفل قراءة الكلمات؟
إن إجابة الأم عن أسئلة الطفل أو القراءة له قبل النوم أمر ضروري. ولكن الأهم من هذا أن يفهم الطفل معنى ما يقرأه كي تصير القراءة بالنسبة إلية متعة. فقد تسأل الأم عما يدور في خلد طفلها أثناء جلوسه في أحضانها وهي تقرأ له الكتاب، وماذا يستفيد من النظر إلى الصور والكلمات.
يتعلم الطفل أن القراءة تجربة ممتعة، وأنها تكون من اليمين إلى اليسار ومن أعلى الصفحة إلى أسفلها وأن الرموز التي تقرأها أمه بصوت عالٍ هي معاني كلمات. كما أنه يسمع لغة جديدة، إذ يختلف لفظ المفردات باللغة العامية عن لفظها باللغة الفصحى.
كل هذه الأمور تختزن في ذاكرة الطفل لتعود وتظهر في سن ما بين الست والسبع سنوات، ويصير بإمكانه قراءة الكتب البسيطة. لكن القراءة وحدها لا تكفي، فمن الأسباب التي تجعل الطفل يمتنع عنها هو عدم فهم النص.
لذا فإن القدرة على الفهم أحد الأمور الأساسية التي ينبغي على الطفل التمتع بها. فهي الأساس في صقل مقدرته على القراءة، لذا من الضروري أن تشرح له الأم المفردات وتفسر له المعاني التي تبدو له غامضة وإن لم يطلب منها ذلك. كذلك يمكن اتباع نظرية" "فكر بصوت عالٍ" وهي طريقة فعالة لتطوير قدرة الفهم عند الطفل.
فمثلاً إذا وردت عبارة في النص "نظر سامي إلى هاني وبدأ بالضحك" يمكنها أن تعلّق قائلة "لا تظهر الصورة هاني! لِمَ يضحك سامي؟ لا بد أن نعرف السبب الذي جعله يضحك بهذه الطريقة، في الصفحة التالية". فمن المهم أن يتعلم الطفل الربط بين تسلسل الأحداث و تحديد هوية أبطال القصة، ويتمرن على حل الألغاز الموجودة فيها.
ويؤكد التربويون أن الأطفال الذين اعتادوا على المطالعة قبل دخولهم المدرسة يتميزون بأداء ممتاز وقدرة عالية على الاستيعاب. لذا على الأهل مع بدء العام الدراسي أن يستمروا في تشجيع الطفل على القراءة اليومية، ولو مدة نصف ساعة يومياً قبل أن يأوي إلى فراشه. ومن المهم اختيار الكتب التي تحوي معلومات علمية مرتبطة بالمعلومات التي يتلقاها في المدرسة.
فمن المعروف أن المعلومات الواردة في الكتاب المدرسي غالباً ما تكون مختصرة لذا من المهم اقتناء كتب علمية أو قصص تغني معرفته وتطور لغته.
فمثلاً يمكن الأم أن تعرف ما هو برنامج طفلها لهذه السنة وتتصفح موضوعات كتبه المدرسية، وأن تعمد إلى شراء كتب تتضمن موضوعات تثير فضوله وتجعله يربط بين ما يتلقاه في المدرسة وبين ما يقرأه في شكل عفوي. والأهم من هذا كله هو مناقشة الطفل في الموضوعات التي قرأها الأمر الذي يعزز لديه القدرة على الحوار ويمنحه الثقة بنفسه، فلا تكون المطالعة بالنسبة إليه واجباً يجب التخلص منه.
يحذر الدكتورإلهامي عبد العزيز إمام وكيل معهد دراسات الطفولة في جامعة عين شمس في مصر الأهل من اقتناء القصص ذات المضمون الذي يحتوي على قيم سلبية مثل قصص العفاريت والقراصنة وغيرها والتي تؤثر على وجدان الطفل وتخيفه. لذا على الأهل أن يحسنوا اختيار الكتب ومراعاة الآتي:
- أن يتماشى الكتاب مع سن الطفل ويراعي نموه العقلي
- أن يكون الغلاف الخارجي ملفتاً للنظر.
- أن تكون الكتابة بخط واضح وكبير.
- أن تكون لغة الكتاب بسيطة وسهلة.
- أن تكون مواضيع الكتاب مترابطة، وصوره معبرة عن الواقع والأوان زاهية.
إرشادات تشجيع الطفل على المطالعة
إذا أراد الأهل أن يصبح طفلهم قارئاً جيداً عليهم أن يصيروا جزءاً من هذه التجربة. وهذه بعض الإرشادات التي يمكن اتباعها:
- اصطحاب الطفل إلى المكتبة العامة في شكل دوري.
- القراءة له بصوت عالٍ خصوصاً الأشعار الجميلة، وجعل هذا الأمر تقليداً عائلياً يقومون به على مدار السنة.
- أن يكون الوالدان المثال الذي يحتذي به الأولاد، بجعل الكتاب في متناول اليد وبأن يلاحظوا تمتع والديهما بالمطالعة.
- جعل المطالعة أمراً شخصياً يعني الطفل وحده كأن يحصل على اشتراك في مجلة أطفال.
- مناقشة الطفل في القصة أو الكتاب الذي قرأه.
- إعطاء الأولاد الأكبر سناً حرية اختيار الكتب التي تتضمن مواضيع تهمهم.
- السماح للطفل بتمثيل القصة التي قرأها. فمثلاً إذا أراد أن يؤدي دور بطل القصة يمكن الأم أن تعرض عليه ارتداء ملابس البطل وتمثيل القصة مع أصدقائه. وإذا كان هناك أكثر من ولد في المنزل يمكن الأهل تشجيعهم على أداء أدوار شخصيات القصة. فهذا يساعد هم على تطوير لغتهم وتحسين لفظهم الكلمات ويمنحهم الثقة بأنفسهم.
- تشجيع الطفل على إرسال بطاقات بريدية إلى أصدقائه أو إلى أقاربه يكتب عليها عبارات جميلة يختارها هو.
- اختيار الكتب التي تناسب عمر الطفل، خصوصاً إذا كان هناك أكثر من ولد في المنزل، إذ لا يمكن أن نفرض على الإبن الأكبر سناً أن يقرأ كتاباً أقل من مستوى قدراته والعكس بالنسبة إلى الإبن الأصغر.
- حيازة كتب سهلة الأسلوب ولغتها بسيطة يستطيع الطفل فهمها إضافة إلى ضرورة أن تكون هذه الكتب حافلة بالصور الملونة الجذابة.
تقبلوووووووووو تحيات فووووزي