شاعَت في السنوات الأخيرة ظاهرة خطيرة جدًا وهي المشي في الطريق المخصّص لسير السيارات، إلاّ أنّ ديننا الحنيف يُحذِّرنا من الجلوس في الطرقات أو المشي في الأماكن المخصّصة لسير السيارات، خشية حصول الحوادث المرورية والكوارث والإضرار بالنّاس وممتلكاتهم، فمَن عبرهُ من غير المكان المخصّص فقد عرّض نفسه للخطر بسبب مخالفته حقّ الطريق.
قال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إيّاكم والجلوس بالطرقات'' فقالوا: يا رسول الله ما لنا بُدٌّ من مجالسنا نتحدّث فيها، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''فإذا أبَيتُم إلاّ المجلسَ فأعطوا الطّريق حقّه'' رواه البخاري ومسلم.
فالنّاظر لهذا الحديث النّبويّ الشّريف ولمثل هذه النصوص الشرعية يجد أنّها تُخاطب الدول وأفراد المجتمع، وتطالب كل صنف بمهمّة تُجَنِّب النّاس من الوقوع في حوادث السير والسلامة من الإضرار بهم. فحقُّ الطريق على النّاس: المحافظة على زِفَّتِه وعلى نظافته وإزالة الأذى عنه من حديد وحجر وخشب وغيره، واجتناب المشي فيه، والمحافظة على جماله ونظافته وسلامته، واحترام مشاعر النّاس بعدم رمي مخلّفات السجائر وسائر مغلّفات الأكل وتذاكر الحافلات والفضلات من الأطعمة وغيرها، فهذه بعض الحقوق مطلوبة شرعًا، لأنّها تُحقّق الأمن والسّلامة للنّاس، وتحافظ على صحّتهم، وتَعْدِم أو تُقلِّل من الحوادث. فالنّهي عن الجلوس في الطرقات أو السير فيها يُضَيِّق على النّاس مسارهم وحركة مشيهم وقيادتهم لسياراتهم، وهذا يُعرّض النّاس إلى خطر حوادث السير الضارة بهم، ومن ذلك وُقوف السيارات في منتصف الطريق، أو في غير مكانها المخصّص لها، كما أنّه يُشوِّش فكر سائقي السيارات فيربكهم في قيادتهم، فأراد نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم قطع أسباب الإثم والمكروه والأذى والضرر وحوادث المرور من جذورها بتدابير وقائية، فحذّر من الجلوس في الطرقات أو السير فيها، والوقاية خيرٌ من العلاج. ومن حقّ الطريق الهدوء في قيادة السيارة، وتخفيف السرعة، والامتثال لإشارات المرور وتنفيذ إرشاداتها بدقّة وتطبيق قوانين السير بإتقان حفظًا لسلامة قائد السيارة وإخوانه الّذين يقودون سياراتهم وحفظًا للمارين في الطرقات وبخاصة المارين من الأماكن المخصّصة لهم.
ويشمل قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''أعطُوا الطريق حقّه'' النّهي عن السرعة في السيارة، فإن أكبر أذًى وأعظمَهُ أن يُقتلَ الإنسان وهو أغلى ما في الوجود، قال تعالى: ''ولَقَد كَرَّمنا بني آدم'' الإسراء: 70، وقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''لَزوال الدنيا أهْوَن عندَ الله من قَتْل مسلم'' حديث صحيح رواه النسائي والترمذي والبيهقي وابن ماجه.