البشير الابراهيمي محمد
البشير الإبراهيمي (1889-1965 م) من أعلام الفكر والأدب في العالم
العربي ومن العلماء العاملين في
الجزائر.
رفيق النضال لعبد الحميد
ابن باديس في قيادة
الحركة الإصلاحية الجزائرية، ونائبه ثم خليفته في
رئاسة
جمعية العلماء، ومجاهد باللسان والقلم لتحرير الشعوب
من الاستعمار، وتحرير العقول من الجهل والخرافات.
مولده
ولد في 14 جوان عام 1889م في قرية (
أولاد إبراهيم)
برأس الوادي قرب ولاية (
برج بوعريريج). تلقى تعليمه الأوَّل على والده وعمه ؛
فحفظ
القرآن ودرس بعض المتون في
الفقه واللغةمشواره العلمي و الأدبي
غـادر الجزائر عام 1911 ملتحقاً بوالده الذي كان قد سبقه إلى
الحجاز ، وتابع تعليمه في
المدينة ، وتعرف على الشيخ ابن باديس عندما زار
المدينة عام 1913 ، غادر الحجاز عام 1916 قــاصــداً
دمشق، حيث اشتغل بالتدريس، وشارك في تأسيس المجمع
العلمي الذي كان من غاياته تــعـريب الإدارات الـحـكـومــيــة، وهناك التقى
بعلماء دمشق وأدبائها، ويـتـذكــرهـم بعد ثلاثين سنة من عودته إلى الجزائر
فيكتب في (البصائر) العدد 64 عام 1949: "ولقد أقمت بين أولئك الصحب الكرام
أربع سنين إلا قليلاً ، فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الـخـضـراء في حياتي
المجدبة ، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر ، ولا أكذب الله ، فأنا
قــريـر العين بأعمالي العلمية بهذا الوطن (الجزائر) ولكن ... مَن لي فيه
بصدر رحب ، وصحب كـأولــئك الصحب ؛ ويا رعى الله عهد دمشق الفيحاء وجادتها
الهوامع وسقت ، وأفرغت فيها مـا وسقت ، فكم كانت لنا فيها من مجالس نتناقل
فيها الأدب ، ونتجاذب أطراف الأحاديث العلمية...".
- في عام 1920 غادر
الإبراهيمي دمشق إلى الجزائر ، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في
مدينة (سطيف) ، حيث دعا إلى إقامة مسجد حر (غير تابع للإدارة
الحكومية) وفي عام 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فــكــرة إقامة جمعية العلماء ،
وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي نائباً لرئيسها ، وانــتــدب من
قِـبـل الجمعية لأصعب مهمة وهي نشر الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية الطرقيين، فبادر إلى
ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة ، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه، وهــو
الأديب البارع والمتكلم المفوَّه، وامتد نشاطه إلى تلمسان وهي واحة الثقافة العربية في غرب الجزائر وقـامــت قيامة الفئات المعادية من السياسيين
والصوفيين وقدموا العرائض للوالي الفرنسي؛ يلتمسون فـيـها إبعاد الشيخ
الإبراهيمي ، ولكن الشيخ استمر في نشاطه ، وبرزت المدارس العربية في وهران.
- وفي عام 1939 كتب مقالاً في جريدة (الإصلاح) ؛ فنفته فرنسا إلى بلدة (أفلو) الصحراوية ، وبعد وفاة ابن
باديس انتخب رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه
إلا عام 1943، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة. وفى عام
1947 عادت مجلة (البصائر) للصدور ، وكانت مقالات الإبراهيمي فيها في الذروة
العليا من البلاغة ومن الصراحة والنقد القاسي لفرنسا وعملاء فرنسا. يقول
عن زعماء الأحزاب السياسية:
"ومن خصومها (أي الجمعية) رجال
الأحزاب السياسية من قومنا من أفراد وأحزاب يضادّونها كلما جروا مع الأهواء
فلم توافقهم ، وكلما أرادوا احتكار الزعامة في الأمة فلم تسمح لهم ، وكلما
طالبوا تأييد الجمعية لهم في الصغائر - كالانتخابات - فلم تستجب لهم ،
وكلما أرادوا تضليل الأمة وابتزاز أموالها فعارضتهم" (1).
ودافع في (البصائر) عن اللغة العربية دفاعاً حاراً: "اللغة العربية في
القطر الجزائري ليست غريبة ، ولا دخيلة ، بل هي في دارها وبين حماتها
وأنصارها ، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر ، طويلة
الأفنان في المستقبل" (2).
واهتمت (البصائر) بالدفاع عن قضية
فلسطين ؛ فكتب فيها الإبراهيمي مقالات رائعة. عاش
الإبراهيمى حتى استقلت الجزائر ، وأمّ المصلين في مسجد (
كتشاوة) الذي كان قد حُوّل إلى كنيسة ، ولكنه لم يكن
راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه الدولة بعد الاستقلال ؛ فأصدر عام
1964 بياناً ذكر فيه: "إن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن
تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية لا من مذاهب أجنبية"
وفاته
تُوفي - - يوم الخميس في العشرين من أيار (مايو) عام
1965. بعد أن
عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم ؛ فجزاه الله خيراً
عن الإسلام والمسلمين