في رحاب مدرسة رمضان العلاجية
الصوم يُعلِّمنا الاحتماء من التخم والزيادة في الأكل على قدر الحاجة
الأمراض نوعان: أمراض مادية تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتّى أضرّت بأفعاله الطبيعية، وهي الأمراض الأكثرية، وسببها إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأوّل، والزيادة في القدر الّذي يحتاج إليه البدن وتناول الأغذية القليلة النّفع البطيئة الهضم، والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة، فإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية واعتاد ذلك أورثته أمراضا متنوعة، منها بطء الزوال وسريعه، فإذا توسّط في الغذاء وتناول منه قدر الحاجة وكان معتدلاً في كميته وكيفيته، كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير. ومراتب الغذاء ثلاثة أحدها مرتبة الحاجة. والثانية مرتبة الكفاية.
والثالثة مرتبة الفضلة. فأخبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه يكفيه لقيمات يقمن صلبه فلا تسقط قوته ولا تضعف معها، فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطنه ويدع الثلث الآخر للماء والثالث للنّفس، وهذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإنّ البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشّراب، فإذا ورد عليه الشّراب ضاق عن النّفس، وعرض له الكرب والتّعب يحمله بمنزلة حامل الحمل الثقيل، هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب وكسل الجوارح عن الطّاعات وتحرّكها في الشّهوات الّتي يستلزمها الشبع. فامتلاء البطن من الطعام مضر للقلب والبدن.. هذا إذا كان دائمًا أو أكثريًا، وأمّا إذا كان في الأحيان فلا بأس، فقد شرب أبو هريرة بحضرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من اللبن حتّى قال: ''والّذي بعثك بالحق لا أجِد له مسلكًا'' أخرجه البخاري، وأكل الصحابة الكرام بحضرته الشّريفة مرارًا حتّى شبعوا رضوان الله عليهم أجمعين
.