عدتَ يا عيد ..
عدت إلينا من جديد ..
بنفحاتك النورانية ، و نسماتك الإيمانية ، بعبيرِ البهجة في كفيك ، بسُحُب الرحمة في طيات عباءتك ، بالفرحة البريئة تملاً وجهك الصَبِيح ، بكل معاني الحب و السلام و الجود و العطاء .
عدتَ يا عيد ..
لم تخلف وعدك أو موعدك ..
رُغم الأسوار التي تحجبنا عنك ، و الحواجز في طريقك إلينا ، و الحدود التي تفصل بيننا .
عدتَ يا عيد ..
عدت و ما تهيأنا بعدُ لقدومك ؛ ما أعددنا أنفسنا لاستقبالك ..
فما زالت الوجوه شاحبة ، و العيون باكية ، والضحكات ميتة ، و الفرحة مبتورة ، و الأحلام مسروقة ، و الآمالُ مشنوقة على جدرانِ انكساراتنا .
عدتَ يا عيدُ و مازال الأقصى في الأسرِ يئنُ ، و بغدادُ تجاهد لتضميد جراح اغتصابها ، و أمتنا تنعي حالها ..
عدت و مازلنا غرباء في أوطاننا ؛ غرباء في ديارنا .
عدتَ يا عيد ..
عدتَ و في القلبِ ما فيه من الأحزان ، و في النفسِ ما فيها من الهموم .. تسكننا إحباطاتنا ، و تكسرنا جراحنا ، و يفرقنا شتاتنا .. تظللنا غيومٌ قاتمة ، تطاردنا أشباح القهر و الهزيمة ، يصاحبنا الأسى أينما كنا .
عدتَ يا عيد و نحن كما نحن ؛ غارقون في فوضى الهزيمة .
و رغم كل هذا ..
أهلاً بك يا عيد
نقولها لك فرحين مستبشرين .
سنفتح لك أبوابنا مرحبين ؛ سنفتح لك قلوبنا ليتسلل إليها قبسٌ من فرحتك .
سنحتفل بقدومك ، ونعلقُ أوراق الزينة على الشرفات ، و نضئ دوربنا بمصابيحك ؛ لعلك تضئ قلوبنا برحمتك .
سنرتدي أزهى ثيابنا ، و نأخذ زينتنا متوجهين لأداء صلاتك .
سنتبادل التهانئ بقدومك ، نتصافح بقلوبنا قبل أيدينا ؛ نتعانق ليسري الدفء في صدورنا ؛ نتزاور لنعمر بيوتنا بالمحبة و السلام .
سنصحبُ الصغار إلى الحدائق و المتنزهات ، نمنحهم ( العيدية ) و الحلوى ، سنطلق العنان لضحكاتهم و ضحكاتنا لتصبغ الحياة بألوانِ جديدة .
و عندما يحين رحيلك يا عيد ..
سنودعك و في النفوس بقايا من أصداءِ ساعاتك القليلة ، و شعائرك الجميلة ، و فرحتك الغامرة .
سنودعك على أمل أن تعود العام القادم في نفس موعدك ؛ و قد تهيأنا لاسقبالك .
أما الآن ..
فنقولها لك بكل الفرحة و الحب ..
أهلاً بك يا عيد
أهلاً بك رُغم أنف الأحزان و الهموم و الآلام و الجراح و الإحباطات و الانكسارات .
أهلاً بك رُغم أنفِ سارقي البسمات و مغتالي الأفراح و هادمي الأحلام .
أهلاً بك رُغم القبح المتغلغل في حياتنا .
أهلاً بك يا عيد
أهلاً بك يا عيد