تأبينية الفقيدة عجوري عائشة المعروفة بكلثوم رحمها الله
رائدة كبيرة من رواد المسرح في الجزائر رحلت ونجمة من نجومه انطفأت، وصوت من أصواته المبدعة صمت، ورمز من رموز الفن الرابع أُقبرت، وفنانة رائعة ودعت، ووجه عزيز علينا وغال على قلوبنا لن نراه بعد اليوم في هذه الدنيا بعد طول لقاء.
عظّم الله أجركم في فنانتنا في أمنا السيدة عجوزي عائشة المعروفة في الوسط الفني بالسيدة كلثوم رحمها الله التي أحبها الكثير بل الملايين من الناس ، والذين شاهدوا وتابعوا أعمالها على خشبة المسرح، و على الشاشة الصغيرة والكبيرة .
و لا نملك في هذا المقام إلا أن نقول بأن موت فنانتنا العظيمة، وأمنا رحمها الله، كان خسارة كبيرة وفاجعة عظمى جعلت شمعة من شموع الجزائر خاصة والعالم العربي عامة تطفئ نورها، فقد كانت منبعاً للإبداع و التألق والتفاؤل والمبادرة . يكفيها فخرا أنها حملت راية الفن منذ العقد الثالث من القرن الماضي، ثمانون سنة من العطاء والبذل.
كانت البداية منذ سنة 1933 مع الرواد محي الدين بشطارزي ، ومع فرقة المسرح العربي، وتواصلت بعد حصول الجزائر على استقلالها وسيادتها، بعد الالتحاق بالمسرح الوطني الجزائري، حيث أبدعت في المسرحيات تاريخية مثل أبناء القصبة وحسان الطيرو وغيرها من الأعمال التي جمعتها مع كبار الفنانين أمثال عبد الحميد رايس، مصطفى كاتب، حاج اسماعين، يحي بن مبروك وسيد علي كويرات، وعلال محب، وعلولة، وحاج عمر، و أمحمد بن قطاف، ونورية ودليلة حليلو وأخريات
كما كان لها الأثر المشهود في عالم السينما أيضا من خلال روائع: سنين الجمر وحسان الطيرو وريح الأوراس
و لأن الشهرة لا تأتي من فضل محسن، ولا من ضربة حظ ، وإنما من العبقرية التي تتبعها الإرادة والجد والاجتهاد والعمل الشاق والطويل. فلقد سجل لها التاريخ أنها كانت أول امرأة تدخل عالم المسرح في الجزائر.
رحمها الله واسكنها فسيح الجنان
مهما ذكرت في حقها ومهما اعترفت بجميلها ومهما تحدثت عن مناقبها فلن أفيها حقها.
عظم الله أجري وأجركم
وإنا لله وإنا إليه راجعون .
هذا ونشير أن الفنانة كلتوم عميدة المسرح الجزائري توفيت صباح الجمعة 12 نوفمبر2010 عن عمر يناهز 94 سنة، بعد صراع طويل مع المرض، وشُيِّعت جنازتها بعد صلاة عصر الجمعة إلى مثواها الأخيرة بمقبرة العالية، بعد إلقاء النظرة الأخيرة على جثمانها بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي. الذي يعود له الفضل في اكتشافها سنة 1933 والأخذ بيدها إلى عالم الفن الرابع وتشاء الصدف أن يكون هو أخر مودعيها على مثواها الأخير.
وقد عُرفت الفنانة القديرة كلتوم التي وُلدت سنة 1916 بالبليدة، بأعمالها المسرحية والسينمائية المميزة، على رأسها فيلم "ريح الأوراس" الذي أخرجه محمد لخضر حمينة سنة 1966. وحاز على السعفة الذهبية سنة 1967 في مهرجان كان السينمائي في دورته العشرين، والذي أدت فيه الفنانة كلتوم الدور الرئيسي لأم تبحث عن ابنها المختطف من قِبَل المستعمر الفرنسي . إضافة على قائمة طويلة من الإبداعات المسرحية والسينمائية التي تصل إلى حوالي 20 فيلمًا وأكثر من 80 مسرحية منها : حسن طيرو" لمحمد لخضر حمينة "1968"، و"الغاصبين" و"بلا جذور" إخراج لمين مرباح سنتي 1972 و1976، و"حسن طاكسي" لسليم رياض انتاج 1982، و"حسن نية" لغوثي بن ددوش سنة 1989.
واليوم تخلد ذكراها في المدية في المسرح الوطني الفكاهي الذي تحتضنه المدية من25 الى غاية 30 من هذا الشهر شهر سبتمبر