عندما سافرت الفنانة الألمانية السا بينغ (1899 ـ ( 1998 الى نيويورك في 1936، حملت معها جهازا كان حديثا في ذلك الوقت: الكاميرا، والتقطت به صورة لحصان في السيرك وصورت فيها الحلقة الدائرية والخيمة. يظهر فيها الحصان داكن اللون تحيط به الظلال مثل الدخان تخترقه لمسات من الضوء . الصورة من الصورة التي تعرض في الناشيونال غاليري بواشنطن مع مجموعة اخرى من الصور النادرة في معرض بعنوان " إكتشافات فوتوغرافية " .
رغم أنه في بدايات القرن الماضي، كان هناك تحيز ضد الصور الفوتوغرافية حيث لم يعترف بها كنوع من الفن إلا في فترة متأخرة ولكن الآن الكل يعلم قيمة الصورة الفوتوغرافية فقد أصبحت الصورة لها جمهور ولها سعر قد يصل في بعض الاحيان الى مليون دولار .
المعرض يؤرخ لبدايات التصوير الفوتوغرافي ، واكتشاف النيجاتيف أو الكاميرات البدائية مثل التي استخدمتها بينغ والتي صنعت في عام 1925 .
ولكن الفرق بين الرسم والتقاط الصورة يظهر لنا جليا في هذا المعرض، فالصور المعروضة تعتمد على استغلال الفرصة واكتشاف بالصدفة. فعلى سبيل المثال، واحدة من الصور المعروضة تظهر أعمال النحت في كاتدرائية نوتردام بباريس، وتعرض ايضا للجو المحيط بها من معدات البناء والمخلفات المتناثرة حولها. أو الصورة التي التقطها روجر فنتون في عام 1858 لكاتدرائية لختفيلد فهو لم يلتقط الصورة كما قد يرسمها رسام لكاتدرائية من العصور الوسطى، ولكن عدسة كاميرته اتسعت لتلتقط مصابيح الشارع خلف الكاتدرائية ومضخة للماء .
ولكن الصور الفوتوغرافية تفشل عندما تحاول تقليد الرسم، فهناك مثلا في المعرض صورة التقطها فنتون وحاول فيها خلق صورة طبيعة صامتة، فجمع الآنية الزجاجية الى جانب الفاكهة والورود في صورة، ولكن الصورة لا تترك نفس الانطباع الذي قد تتركه لوحة ألوان زيتية لفنان هولندي من القرن السابع عشر لنفس الموضوع. وكذلك الحال مع صورة لـ جون بابيست فينيت والتي يصور فيها شابا يتأمل جمجمة ، ولكن الصورة لا تترك نفس الانطباع الذي قد تتركه لوحة لسيزان أو تيشان بتأمل فكرة الموت، فالصورة تبدو مفتعلة .