ابرز الاحداث الرياضية في الجزائر لعام 2009
لا يختلف اثنان في اعتبار تأهل المنتخب الجزائري لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم 2010 بمثابة الحدث الرياضي الأبرز في البلد خلال سنة 2009
الوكالات
ويرى الكثير من النقاد الرياضيين والاختصاصيين أن تأهل الجزائر إلى نهايات مونديال كرة القدم لعام 2010 يعد مفاجأة كبيرة بالنظر إلى أن المنتخب الوطني فشل في التأهل إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا للدورتين السابقتين عامي 2006 و 2008،وبالتالي فان حدوث طفرة سريعة في مدة قصيرة تقل عن سنتين لم يكن يخطر على بال أي أحد باستثناء ربما اللاعبين الذين يكونون هذا الفريق، والذين أرادوا الثأر لأنفسهم ورد الاعتبار للكرة الجزائرية بطريقتهم الخاصة، مقتنعين بإمكانياتهم التي أظهروها سنة 2007 لما خاضوا باسبانيا مباراتين وديتين كبيرتين أمام الأرجنتين(3-4) والبرازيل(0-2)، وقال حينها مدرب المنتخب البرازيلي كارلوس دونغا لمدرب منتخب الجزائر في ذلك الوقت، الفرنسي جون ميشال كافالي " موعدنا في مونديال 2010" تلك المباراة.
والحق يقال، وإذا كان غياب الجزائر عن نهائيات كأس أمم أفريقيا لسنة 2006 سببه تواضع مستوى المنتخب، فان إقصائها من الدورة النهائية لعام 2008 كان لأسباب تافهة يتحملها المشرفون على شؤون الرياضة في ذلك الوقت ،إذ أن اتحاد الكرة الجزائري كان في صراع دائم مع وزارة الشباب والرياضة حول شرعيته،وقد دفع ثمن قبضته الحديدية غاليا لما حرمته الوزارة من حقه في الميزانية العمومية السنوية، مما انعكس سلبا على تحضيرات الفريق خاصة فيما يخص التنقلات التي كان قام بها زياني وزملائه إلى ديار المنتخبات المنافسة له في التصفيات بحيث ضيع المنتخب الجزائري انتصارات محققة بقواعد غينيا و غامبيا و جزر الرأس الأخضر، ولكن ترسيم الإقصاء حدث بالجزائر العاصمة خلال مباراة الجولة ما قبل الأخيرة من التصفيات، ففي الوقت الذي كان فيه المنتخب الوطني بحاجة إلى نقطة التعادل فقط لكسب تأشيرة التأهل إلى نهائيات "كان 2008" فانه انهزم بملعب "05 يوليو 1962" على يد أخطر منافسيه منتخب غينيا(0-2).
وعند الحديث عن تصفيات كأس أمم أفريقيا 2008 يتضح أن المنتخب الجزائري الحالي هو نفسه تقريبا الذي كان قبل ستنين وأن إقصائه من المشاركة في أكبر محفل كروي أفريقي كان لأسباب تنظيمية أكثر منها فنية، فنفس اللاعبين الذين كانوا يشكلون فريق 2007 يكونون حاليا منتخب 2009،ونخص بالذكر حارس المرمى لوناس غواوي و المدافعين عنتر يحي ومجيد بوقرة ونذير بلحاج وسمير زاوي ولاعب وسط الميدان كريم زياني والمهاجم رفيق صايفي.
فما الذي تغير إذن في منتخب الخضر ليصبح أحد المنتخبات الأفريقية الخمسة المتأهلة إلى نهائيات كأس العالم بالإضافة لمنتخب البلد المنظم جنوب أفريقيا؟. وما الذي جعله يكسب بطاقة التأهل على حساب المنتخب المصري بطل أفريقيا في الدورتين السابقتين ؟. التغيير البارز حدث على مستوى تسيير المنتخب الذي أضحى يسير بطريقة احترافية حتى أن اللاعبين الجزائريين الناشطين بأوروبا أكدوا أن طريقة تنظيم المنتخب ووسائل العمل لم يجدوها حتى ضمن أنديتهم الأوروبية.
وقد يقول البعض أن التغيير قد حدث منذ عودة محمد روراوة إلى رئاسة الاتحاد الجزائري لكرة القدم في شهر مارس 2009، لكن الحقيقية ليست كذلك فالتغيير حدث لما عاد رابح سعدان إلى رئاسة الإدارة الفنية للمنتخب في نهاية عام 2007 في عهد الرئيس السابق لاتحاد الكرة، حميد حداج ،بحيث وضع سعدان عدة شروط لقبول الإشراف على المنتخب الجزائري بعد عدة مشاورات مع مسؤولي الكرة ومن بينهم محمد روراوة نفسه الذي ورغم أنه كان بعيدا عن التسيير الرسمي للكرة الجزائرية إلا أن كلمته كانت لا تزال مسموعة و يؤخذ برأيه في عديد المسائل بحكم أن عودته إلى رئاسة الاتحاد قد بدأت ترتسم منذ رحيل الوزير السابق للرياضة، يحي قيدوم، وتعويضه بالهاشمي جيار في سنة 2008.
فجاءت عودة الشيخ سعدان إذن قبل ستة أشهر عن بداية التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وأفريقيا 2010 والتي انطلقت يوم 31 مايو2008 ونجح خلالها المنتخب الجزائري في تصدر مجموعته التصفوية أمام منتخبات السنغال وغامبيا وليبيريا، وقد كانت المباراة التي فازت بها الجزائر على السنغال في سبتمبر 2008 بملعب البليدة بمثابة المقياس الحقيقي لمدى تطور المنتخب الوطني والذهنية الاحترافية للاعبيه الذين نجحوا في تجاوز تقدم الضيوف بهدف السبق، وسجلوا ثلاثة أهداف كاملة في حين أن الفريق الجزائري كان قد عود جماهيره على فقدان الثقة بإمكانياته فور تلقيه لهدف من المنتخب المنافس.
المهم إذن أن منتخب الجزائر تأهل الى الدور الااخير من تصفيات مونديال 2010 أوقعته القرعة ضمن مجموعة ضمت بطل إفريقيا مصر و زامبيا ورواندا، وقد هلل خلالها المصريون فقالوا أن المجموعة السهلة ولن يجد منتخب الفراعنة صعوبات كبيرة في الظفر بتأشيرة التأهل إلى نهائيات كأس العالم فيما صرح مدرب المنتخب الجزائري رابح سعدان "أن هدفه الرئيسي يبقى التأهل إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا وأن المونديال يمكن الحلم به "، وذلك بخلاف أغلبية اللاعبين الذين أكدوا أنهم يطمحون للمشاركة في المونديال وأنهم قادرين على تحقيق المبتغى.وقد تأكدت عزيمة اللاعبين في تحقيق الهدف منذ المباراة الثانية للمجموعة التصفوية الثالثة لما فازوا بالبليدة على المنتخب المصري(3-1) ثم واصلوا مشوارهم المتألق بتحقيق ثلاثة انتصارات متتالية أخرى أمام كل من زامبيا، ذهابا وإيابا، ورواندا قبل أن يتعثروا بالقاهرة في مباراة الإياب (0-2) يوم 14 نوفمبر بعدما سال الدم الجزائري يوم 12 لما تعرضت حافلة المنتخب للاعتداء من طرف بعض المتعصبين المصريين، وقد لجأ المنتخبان الجزائري والمصري لمباراة فاصلة بالسودان عادت خلالها الكلمة الأخيرة لتشكيلة محاربي الصحراء بهدف نظيف من توقيع عنتر يحي الذي صرح عقب هذا الانجاز أنه يهدي التأهل لكل الشعب الجزائري ولشهدائه الأبرار في إشارة منه الى الحملة الشرسة التي قام بها بعض الإعلاميين المصريين الذين تحدثوا باستهزاء عن مليون ونصف مليون شهيد جزائري خلال حرب التحرير من الاستعمار الفرنسي(1954-1962)، ومن لا يعرف عنتر يحي جيدا فانه من عائلة مجاهدة وجده أحد الشهداء الأبرار. ومن البديهي أن يتأثر بشتم جده وكل الشهداء بدون سبب.
صحيح أن منتخب 2007 قد كسب تجربة أكبر ولاعبيه أصبحوا ينشطون ضمن أفضل الدوريات الأوربية، ولكن الشئ الهام الذي ساهم بقسط أكبر في تطور الفريق الجزائري هو تغير العقليات نحو الأفضل
الأربعاء 30 ديسمبر 2009 - 23:07
