شبهات في وجه الحجاب
س: ناقشت بعض السيدات حول الحجاب وقلن: ما دمن هن مؤدبات ونيتهن سليمة فلا يضرهن التبرج، كما أن الإيمان في القلب هل هذا صحيح؟
ج: الجواب عن ذلك أن الإيمان قول باللسان وعمل بالجوارح واعتقاد في القلب، فإذا كان في القلب إيمان فإنه لابد وأن يظهر أثر ذلك الإيمان في الأقوال والأفعال، فإذا كان في القلب إيمان صحيح لزم أن يأتي العبد بأعمال الجوارح وامتثال أوامر الله.
س: ولكنَّ كثيرًا من النساء يرون أن الحجاب من الأمور الهامشية، وليس من الأسس؟
ج: كيف يكون الحجاب أمرًا هامشيًا والله عز وجل أمرنا به في كتابه وهو فريضة، كما أن الصلاة والصوم والزكاة والحج فرائض.
س: هل هذا يعني أن اعتقاد القلب وإيمانه وتصديقه لا يكفي في الإيمان؟
ج: لا يكفي بل لابد من القول والعمل والاعتقاد ولابد من إصلاح الظاهر والباطن.
س: ولكن الكثيرات نيتهن طيبة وهن لا يردن فتنة الرجال، وإنما يردن إرضاء رغبتهن في التزين والتجمل؟
ج: يمكن للمرأة أن تتجمل وتتزين لزوجها وفي بيتها وتستر زينتها إذا خرجت امتثالاً لأمر الله، وخضوعًا لشرعه. والنية الطيبة لا تكفي كما تقدم.
س: هناك كثيرٌ من النساء لا يرتدين الحجاب لأنه يضر بالشعر ويؤثر على نموه؟
ج: هذا كلامٌ غير صحيح؛ بل إننا نجد كثيرًا من المحجبات لهن شعرٌ طويل وقويٌّ وجميل، وهن يعطينه التهوية والعناية في البيت وهن متسترات.
س: بعض الأهالي والفتيات يعتقدن أن الحجاب يقلل من فرض الزواج للفتاة؟
ج: هذا غير صحيح بل إننا نجد أن كثيرًا من المحجبات المتسترات يتزوجن قبل أقرانهن من المتبرجات؛ لأن الرجال يرغبون في المرأة المتسترة من الأنظار، المصونة في خدرها، صاحبة الحياء.
والزواج والعنوسة من قدر الله عز وجل.
س: ولكنَّ كثيرًا من الناس يسخرون من المحجبة ويقولون عن الحجاب: إنه خيمة؟
هذا أمرٌ لا يعيق عن الحجاب؛ لأنك تمتثلين أمر الله، وتفعلين ما يرضيه فلو أنك أرضيت الله لأرضى عنك الناس, إضافةً إلى أن ما قد يلحقك من أذى وسخرية كل ذلك في ميزان حسناتك، وقد أوذي أنبياء الله والصالحون من بعدهم وصبروا في سبيل مرضاة الله.
س: ولكن ما حكم من يسخر بالحجاب؟
ج: أنقل الجواب هنا عن هذا السؤال من كلام فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله، وهو أحد أئمة المسلمين.
سئل رحمه الله: ما حكم من يستهزئ بمن ترتدي الحجاب الشرعي وتغطي وجهها وكفيها؟ فأجاب رحمه الله: من يستهزئ بالمسلمة أو المسلم من أجل تمسكه بالشريعة الإسلامية فهو كافرٌ سواء كان ذلك في احتجاب المسلمة احتجابًا شرعيا أم في غيره.
لما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال رجل في غزة تبوك في مجلس: ((ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجلٌ: كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر: وأنا رأيته متعلقًا بحقب ناقةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}[التوبة: 65، 66] فجعل استهزائهم بالمؤمنين استهزاءٌ بالله وآياته ورسوله، وبالله التوفيق [مجلة البحوث الإسلامية العدد 21].
س: كثيرٌ من النساء يعتقدن أن التبرج عنوان التحضر والمدنية؟
ج: إن الحضارة والمدنية لابد أن تكون خاضعة لشريعة الله وتعاليم دينه الخاتم؟
والإسلام هو دين الحضارة، ولا تعارض بين الإسلام والحضارة القويمة.
والتبرج هو أحد أسلحة أعداء الإسلام لإفساد المسلمين يقول اليهود في بروتوكولاتهم: ((علينا أن نكسب المرأة، ففي أي يوم مدت إلينا المرأة يدها ربحنا القضية)) [بروتوكولات حكماء صهيون].
س: وكيف ترتدي المرأة الحجاب والمحجبات محاربات ومطاردات؟
هذا أيضا من الابتلاء {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} فعليك بالصبر احتسابًا للأجر، وتجنبًا لأهل السوء والباطل {والعصر إن الإنسان لفي خسر..} إلى آخر الآيات [العصر]
س: هناك مشكلة أخرى وهي أن بعض المحجبات لا يلتزمن بمقتضى الحجاب ويسئن إلى المحجبات؟
ج: هذه حجة من حجج أهل النفاق أجاب الله عنهما بقوله: {ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} وهذا كلام أعداء دين الله لينفروا الناس عن الدين والشرع، وكل فئة من الناس فيها الصالح والطالح، وليس خطأ البعض دليلاً على خطأ الآخرين.
س: وأيضا الحجاب ملفت للنظر والناس تتتبع المحجبة بالنظر؟
ج: وحتى إذا تتبع الناس المحجبة بالنظر فماذا سيحصلون عليه من المتحصنة المتسترة (يرتد إليك البصر وهو حسير).
يقول أبو حيان في قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}[الأحزاب: 59].
قال: ((لِتَسَتُّرهن بالعفة فلا يتعرض لهن، ولا يلقين ما يكرهن؛ لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها، بخلاف المتبرجة فإنها مطموعٌ فيها. [البحر المحيط (7/250)]
س: هناك مسألة أخرى وهي أن كثيرًا من النساء الشهيرات سافرات غير محجبات بل بعض منهن يكتبن كتابات دينية؟
ج: إن الحق لا يعرف بالأشخاص ولكن الأشخاص هم الذين يعرفون بالحق فاعرفي الحق تعرفين أهله والنبي صلى الله عليه وسلم فقط هو قدوتنا {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}[الإسراء: 15].
س: ولكن ألا ترى أن الحجاب فيه تضييقٌ على المرأة والسفور فيه رفقٌ بها، وقد أمر الشرع بالرفق بالمرأة، والإسلام دين السماحة؟
ج: لاشك أن الإسلام هو دين اليسر والسماحة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه)) إلا أن تشريعات الإسلام هي اليسر بعينه.
وحجاب المرأة هو مصلحةٌ لها وصيانة وطهارة، وهو في مصلحة المجتمع بحيث تسلم نفوس الرجال من التعلق بأشخاص النساء الأجنبيات.
والسفور شرٌ عام على الرجال والنساء.
س: ولكن أليس أحكام الإسلام تتغير بتغير الزمان، وزماننا يرى بعض الناس أنه لا يصلح فيه الحجاب؟
ج: أحكام الإسلام لا تتغير ولا تتبدل وهي ثابتة، وقد أكمل الله لنا الدين قال عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: 5] ولكن الفتوى هي التي تتبدل وتتغير بحسب الزمان وبحسب الأشخاص.
وفرقٌ بين الفتوى والحكم الشرعي الأحكام الشرعية كالصلاة والزكاة والحج والصيام والحجاب وغيرها هذه ثابتة لا تتغير أما الفتوى فقد تتغير.