كشفت مذكرات اللواء المتقاعد
خالد نزار ووزير الدفاع السابق الكثير من النقاط التي ما تزال مجهولة و التي ينكرها المصريون بخصوص المساعدة والدعم الذي قدمته الجزائر من خلال قوات الجيش الوطني الشعبي ووقوفها إلى جانب الجيش المصري في حربي 1967 و1973
و تكشف المذكرات التي نشرت باللغتين العربية و الفرنسية و الصادرة عن منشورات ألفا بالجزائر و كتب مقدمتها الدكتور أحمد بن بيتور رئيس الحكومة الجزائرية السابق بصفته شاهدا و فاعلا وقت الحرب خاصة و انه تمت تعبئته كباقي زملائه من الطلاب في الجامعة الجزائرية
ونقلت صحيفة القدس العربي الصادرة اليوم الاثنين أن اللواء خالد نزار قال "لطالما ترددت في الماضي عندما تعلق الأمر بعرض هذه الذكريات في كتاب، لكن أحد أصدقائي الذين زاروا متحف القاهرة المخصص لمختلف الحروب المصرية الإسرائيلية أشار إلى أنه لا توجد لافتة واحدة ولا أدنى إشارة لمشاركة الجزائر في بعض هذه المواجهات. صحيح أن وحداتنا كانت تُحول إلى مناطق دفاعية تعتبر "ثانوية"، ولكن هذا لم يكن خاصا بنا، لأن كثيرا من الوحدات المصرية تم التخفيف عليها وتوجيهها إلى قطاعات أخرى.
وأضافت الصحيفة أنه أكد في الكتاب أن 20 ألف جندي، بين ضباط صف و صف الجنود أغلبهم من سليلي جيش التحرير الوطني، عسكروا في جبهات القتال ما بين عامي 1967 و1971، وما بين عامي 1973 و1975. وخلال هذه السنوات تم التنازل عن مئات الدبابات والمدافع ومركبات القتال وقرابة مائة طائرة لصالح المصريين، ودون أن نأخذ مقابلا على ذلك، في حين بقيت وحدات دبابات وطائرات أخرى ترابط على الجبهات ما بين عامي 1973 و1975.
وكشف الكتاب سقط في ميدان الشرف أكثر من 100 مقاتل جزائري، من مختلف الرتب العسكرية، كان أغلبهم ممن شارك في الثورة الجزائرية النبيلة والعظيمة. وهذا العدد يعتبر ضئيلا مقارنة بضحايا حروب المواجهات، إلا أنه لا يمكن اعتباره كذلك بالنظر إلى طبيعة المواجهة التي كانت عبارة عن حرب استنزاف .
وأضاف "لكي ألخص أبرز ما جاء في الكتاب، أشير إلى أنه خلال الفترة التي سبقت سفر الرئيس المصري السابق أنور السادات إلى إسرائيل، ثم إلى كامب دايفيد، كانت لاتزال هناك قناعة بأن العالم العربي يستطيع أن يتطلع إلى تحقيق وحدته في وجه أي تهديد خارجي، لكن ما حدث أنّه بعد الاتفاقيات المنفصلة التي أبرمت مع إسرائيل، تحوّل الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع فلسطيني إسرائيلي، ونسفت السياسة المصرية كل ما تبقى من حلم الاندماج، وانجر عن ذلك تشتت في العمل العربي واستحالة القيام بمشاريع مشتركة واضمحلال القمم العربية وعجز الجامعة العربية عن إيجاد حلول عربية لقضايانا وعلى توحيد مواقف الدول العربية في علاقاتها مع إسرائيل. يضاف إلى كل ذلك شبح التمزق الداخلي الذي خيم على بعض الدول العربية بسبب بروز الطائفية والمذهبية.
واعتُبر صدور كتاب اللواء نزار في هذا الظرف ذا فائدة كبيرة، لكونه يساهم في إعادة رسم الروابط التي نشأت بين البلدان العربية، ويتناول بالتفصيل المشاركة الجزائرية المباشرة في حربي عام 1967 و1973، إلى جانب الجيش المصري. وكانت مشاركة كثيفة وشاملة على الصعيدين العسكري والدبلوماسي معاً، لأنه لا يمكن تصوّر سياسة دفاعية بمعزل عن السياسة الدولية .
وجاء في الكتاب "كنت في طريقي نحو وحداتي المرابطة حول المصبّ (أي موضع تدفّق القناة في البحيرة المرّة)، لما فوجئت بدكّ مدفعي عشوائيّ استهدف طقما من الوحدات الجزائرية كان مكلّفا بمراقبة جسر صغير يُعتبر نقطة حساسة ويمر فوقه خط السكة الحديدية. أمرت السائق بأن يتوقّف وتسلّقنا بحذر المرتفع الحجري الذي يمرّ فوقه القطار بما أنّ رجالي كانوا على مقربة من المكان المستهدف. رأيت قائد الطقم جالسا على حافة الخندق ظاهر الجسد ومتّسما برباطة الجأش، وهو يوجّه سبابته نحو رجاله لأمرهم بالالتحاق بأماكن الاحتماء، على الرغم من التساقط المكثّف للقذائف. ما زاد إعجابي بهذه الشجاعة والرزانة لدى هؤلاء الجنود الجزائريّين، هو ما تعوّدنا على رؤيته في معسكري زكريا والأبيض، حيث كان الجيش الإسرائيليّ يُغير مستعملا الخط الفاصل بين الجيشين المصريّين الثاني والثالث".